ألف (حضرى).. و(حضرى)!

أعتذر عن العودة مجدداً لمسلسل (عصام الحضرى) الذى يبدو أنه سينافس مسلسل ألف ليلة وليلة قريباً؛ فموضوع الساعة الآن هو مباراة مصر والأرجنتين الودية، وأى حارس مرمى سيكون من حسن حظه اللعب أمام فريق التانجو الرهيب (أو من سوء حظه الله أعلم بنتيجة المباراة وسيرها)؛ والصراحة لا أجد أى غضاضة تجاه الجهاز الفنى لمنتخب مصر فى الاستعانة بـ(الحضرى) كحارس أساسى للفريق، على الرغم من أن آخر مباراة رسمية لعبها كانت منذ أكثر من شهر، ومن وقتها تفرغ للسفر والتليفونات والتصريحات والتليفزيونات وخلافه، فلو تغاضينا عن الموقف الأخلاقى الذى كان ينبغى على (شحاتة) ورفاقه اتخاذه، لأن الأخلاق ليست كل شىء، ونداء الوطن لتمثيل الفريق القومى أهم بكثير من الأدب والتربية وهذا الكلام الفارغ؛ فالجهاز أذكى من أن يورط (محمد صبحى) فى مباراة كهذه وهو يحمل ذكرى سيئة أمام الأرجنتين بالذات فى مباريات كأس العالم للناشئين 2001 عندما منى مرماه بسبعة أهداف، و(محمد عبد المنصف) لا يزال يحمل لقب حارس الستة وأشباهها، أما (الحضرى) فهو أقلهم عدداً وأكثرهم استعداداً (لو كان مستعداً للعب الكورة بعدما حدث) فأقصى عدد دخل مرماه كان خماسية فرنسا، وبالتأكيد لا ينكر إلا جاحد كون (عصام الحضرى) أفضل حارس مرمى فى إفريقياً (على المستوى الفنى) وليكن كلامنا عن المستوى الفنى فحسب؛ لأن التطرق للمستوى الأخلاقى سيجعلنا نسمع ما لا يسرنا أو يكون مدعاة لفخرنا بامتلاك حارس مثل (عصام) بعد الأدوار التمثيلية الفاشلة التى قام بها فى الفترة الماضية متنقلاً بين مسارح جنيف وروض الفرج و(عماد الدين)!
والصراحة لم أكن أتصور أن نضطر ـ بعضنا وليس كلنا ـ لركن مباراة مصر والأرجنتين التاريخية على جنب، للحديث عن جواز الاستعانة بـالحارس الهارب فى هذه المناسبة من عدمه، وللأسف هذا فى حد ذاته خطأ، ولكن ماذا تفعل وأنت كلما تفتح جريدة، تفاجأ بـتصريح لـ(أحمد سليمان) أن الاستعانة بالحارس حق أصيل للجهاز، وإذا حاولت الاستقرار على محطة فضائية تجد (حسن شحاتة) يؤكد أنه حر فى اختياراته، وفى الاتحاد يقول المسئولون أن الجهاز الفنى سيد قراره، وهى كلمة لا نسمعها إلا فى مجلس الشعب عندما يكون هناك خطأ ما لا يمكن علاجه بالأساليب السياسية الملتوية، فيكون اللجوء لحائط الصد الأخير (سيد قراره)!
أيضاً لن يسرنا إجماع ثلاثين أو أربعين ألفاً من الجماهير ـ وهو ما يزيد عن نصف سعة الإستاد ـ بالهتاف الجماعى ضد (الحضرى) سواء قبل المباراة أو أثناءها أو بعدها، وسواء كان أساسياً أو على الدكة؛ فلا ينقصنا المزيد من المهازل أمام العالم، ولا ينبغى أن يرتبط اسم مصر دائماً بمثل هذه الأحداث كلما أقيمت مناسبة رياضية محترمة على أرضها، فمرَّة (ميدو) يشتبك مع مدربه بالألفاظ أمام العالم كله فى بطولة الأمم الإفريقية منذ عامين، ولولا الملامة لرأينا بعض الصفعات والركلات، ومرَّة جماهير الإسماعيلية تتسبب فى إفساد النهائى الإفريقى وتهدم الملعب على الجميع مثل (شمشون الجبار) بعد فوز إنيمبا بالبطولة لمجرد أن فريقهم أخفق فى اختطاف الكأس، ومرَّة يتم رجم لاعبى النجم الساحلى التونسى بكل أنواع الفاكهة صيفية وشتوية وربما مربى أثناء استلامهم كأس الأبطال، مع إن (العرجون) وقتها هو مَن كان يستحق الرجم بالحجارة، ثم أخيراً ـ وأتمنى أن يخيب الظن ـ هتافات جماعية منظمة وربما لافتات ودخلات معدة خصيصاً للانتقام من (الحضرى)، وأخشى من تخصيص هتافات جماعية باللغة الإنجليزية ليفهمها العالم كله، أو الإسبانية لجعل منظر الحارس "وحش" أمام لاعبى التانجو.. وكان يمكن الاستغناء عن كل هذا الهم والتفرغ لإخراج يوم رياضى رائع ـ بغض النظر عن نتيجة المباراة ـ لو كان لدينا مسئولين يجيدون التفكير السليم وتطبيق المبادئ الرياضية البديهية ـ سيبك من التربية والأدب أرجوك ـ واستبعاد مثل هذا اللاعب من المباراة بدلاً من تكريمه وهو نفسه الذى هرب ليلة التكريم التى أقيمت فى إستاد القاهرة كذلك وأحيتها (نانسى عجرم)، وإن كنت أعتقد أن أكبر عقاب له هو حرمانه من التواجد مع المطربة اللبنانية الجميلة فى مكان واحد لمدة دقائق، وربما يكون هو أذكى منى عندما قرر ترك الجمل لها بما حمل خوفاً من مقارنة رقصاته برقصاتها، ولا أعلم يقيناً مَن منهما كان سيتفوق على الآخر وقتها!

"كل الأفكار المنشورة تمثل رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع"